حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: تمہارا بہترین تجربہ وہ ہے جس سے تمہیں نصیحت حاصل ہو۔ نہج البلاغہ مکتوب31

البھجہ المرضیہ فی شرح الفیہ

المدخل‏

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم أحمدك الّلهمّ على نعمك و آلائك، و أصلّي و أسلّم على محمّد خاتم أنبيائك و على آله و أصحابه و التّابعين «1» إلى يوم لقائك. أمّا بعد: فهذا شرح لطيف مزجته بألفيّة ابن مالك، مهذّب المقاصد، واضح المسالك، يبيّن مراد ناظمها و يهدى الطّالب لها إلى معالمها، «2» حاو لأبحاث منها ريح التّحقيق تفوح، و جامع لنكت لم يسبقه إليها غيره «3» من الشّروح. و سمّيته ب «البهجة المرضيّة فى شرح الألفيّة»، و باللّه أستعين «4» إنّه خير معين.

قال النّاظم: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. قال محمّد هو) الشيخ الإمام أبو عبد اللّه جمال الدّين محمّد بن عبد اللّه (ابن مالك) الطّائيّ الأندلسيّ الجّيانيّ الشّافعيّ (أحمد ربّى اللّه خير مالك) أي أصفه بالجميل تعظيما له و أداءا لبعض ما يجب [علينا] له‏

(1) أصحاب الرسول الذين أدركوا صحبته، و التابعون هم الذين لم يدركوا صحبة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لكنهم أدركوا صحبة الأصحاب.

(2) جمع معلم علامة الطريق.

(3) نعوذ باللّه من العجب و تزكية النفس فايّاك أيّها الطالب و هذه الرذيلة التي هي أمّ الرذائل.

(4) عجبا كيف يستعين باللّه سبحانه من يستمدح المخلوق.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 6 مصلّيا على النّبيّ المصطفى و آله المستكملين الشّرفا و المراد إيجاده «1» لا الإخبار بانّه سيوجد (مصلّيا) بعد الحمد أي داعيا بالصّلاة أي الرّحمة (على النّبيّ) هو إنسان أوحي إليه بشرع و إن لم يؤمر بتبليغه، فإن أمر بذلك فرسول أيضا، و لفظه بالتّشديد من النّبوة «2» أي الرّفعة لرفعة رتبة النّبيّ على غيره من الخلق، و بالهمزة «3» من النّبأ أي الخبر لأنّ النّبيّ مخبر عن اللّه تعالى، و المراد به نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (المصطفى)، أي المختار من النّاس كما قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حديث رواه التّرمذي و صحّحه: «إنّ اللّه اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل و اصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة و اصطفى من بني كنانة قريشا و اصطفى من قريش بني هاشم و اصطفاني من بني هاشم». و قال في حديث رواه الطّبرانى: «إنّ اللّه اختار خلقه فاختار منهم بني آدم ثمّ اختار بني آدم فاختار منهم العرب ثمّ اختار العرب فاختار منهم قريشا ثمّ اختار قريشا فاختار منهم بني هاشم ثمّ اختار بني هاشم فاختارني فلم أزل خيارا من خيار» (و) على (آله) أي أقاربه المؤمنين من بني هاشم و المطّلب «4» (المستكملين الشّرفا)، بفتح الشّين بانتسابهم إليه.

و أستعين اللّه في ألفيّة مقاصد النّحو بها محويّة تقرّب الأقصى بلفظ موجز و تبسط البذل بوعد منجز (و أستعين اللّه في) نظم أرجوزة (الفيّة) عدتها الف بيت أو ألفان بناءا على أنّ كلّ‏ __________________________________________________ (1) أي: مراد الناظم بقوله أحمد إنشاء الحمد لا إخبار بأنه سيحمد اللّه. (2) بكسر النون و سكون الياء.

(3) عطف على قوله بالتشديد، أي: نبئة.

(4) هذا عند العامّة، و أما عند الخاصّة فأكثرهم على أن المراد بآل الرسول هم: فاطمة و الأئمّة الاثنى عشر عليهم السّلام‏

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 7 شطر بيت و لا يقدح ذلك في النّسبة كما قيل، «1» لتساوي النّسب إلى المفرد و المثنّى كما سيأتي (مقاصد النّحو) أي مهمّاته و المراد به «2» المراد لقولنا علم العربيّة المطلق على ما يعرف به أواخر الكلم إعرابا و بناءا و ما يعرف به ذواتها صحّة و اعتلالا، لا ما يقابل التّصريف (بها) أي فيها (محويّة) أي مجموعة.

(تقرّب) هذه الألفيّة لأفهام الطّالبين (الأقصى) أي الأبعد من غوامض المسائل فيصير واضحا (بلفظ موجز) قليل الحروف كثير المعنى، و الباء للسّببيّة و لا بدع «3» فى كون الإيجاز سببا لسرعة الفهم كما في «رأيت عبد اللّه و أكرمته» دون «أكرمت عبد اللّه» و يجوز أن يكون بمعنى مع- قاله ابن جماعة (و تبسط البذل) بسكون الذّال المعجمة أي العطاء (بوعد منجز) أي سريع الوفاء، و الوعد في الخير لا و إيعاد في الشّرّ إذا لم تكن قرينة. و تقتضي رضا بغير سخط فائقة ألفيّة ابن معطي‏ و هو بسبق حائز تفضيلا مستوجب ثنائي الجميلا و اللّه يقضي بهبات وافره لى و له فى درجات الآخره‏ (و تقتضى) بحسن الوجازة المقتضية لسرعة الفهم (رضا) من قاريها بأن‏

(1) توهّم بعض أن الألفية نسبة إلى ألف فكيف يمكن عدّ الأبيات ألفين فأجاب بأنّ النسبة إلى المفرد و التثنية سواء.

(2) أي: بقوله النحو دفع دخل و هو أنّ النحو على ما هو المعروف يطلق على العلم الذي يعرف به أحوال أواخر الكلم مع أنّ الألفية مشتملة على الصرف أيضا، فأجاب: بأنّ المراد بالنحو هنا أعمّ من النحو المعروف، بل المراد به مطلق علم العربيّة. (3) أي: على فرض كون الباء للسببيّة ربّما يتوهّم انّه كيف يكون الإيجاز و الاختصار سببا للتقّرب إلى الأقصى أي: الإيضاح، بل الأمر بالعكس، كما هو ظاهر، فأجاب بأنّه لا بدع و لا منافاة بين الإيجاز و الإيضاح، كما ترى أنّ أكرمته مع إيجازه أوضح من أكرمت عبد اللّه.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 8 لا يعترض عليها (بغير سخط) يشوبه (فائقة ألفيّة) لا إمام أبي زكريّا يحيى (ابن معط) عبد النور الزّواويّ الحنفيّ، (و) لكن (هو بسبق) أي بسبب سبقه إلى وضع كتابه و تقدّم عصره (حائز) أي جامع (تفضيلا) لتفضيل السّابق شرعا «1» و عرفا و هو أيضا (مستوجب ثنائى الجميلا) عليه لانتفاعي بما ألّفه و اقتدائي به.

(و اللّه يقضي بهبات) أي عطايا من فضله (وافرة) أي زائدة و الجملة «2» خبريّة أريد بها الدّعاء أي اللّهمّ اقض بذلك (لي) قدّم نفسه لحديث أبي داود «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا دعا بدأ بنفسه» (و له في درجات الآخرة) أي مراتبها العليّة. (1) لقوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ... (الواقعة، الآية: 10). (2) أي: جملة، اللّه يقضي. البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 9 الكلام و ما يتألّف منه‏ كلامنا لفظ مفيد كاستقم و اسم و فعل ثمّ حرف الكلم‏ هذا باب شرح الكلام و شرح ما يتألّف منه الكلام و هو الكلم الثلاث‏

(كلامنا) أي معاشر النّحويّين «1» (لفظ) أي صوت معتمد على مقطع الفم، «2» فيخرج به ما ليس بلفظ من الدّوالّ «3» الأربع لا كإشارة و الخطّ.

و عبّر به دون القول لإطلاقه «4» على الرّأي لا و إعتقاد و عكس في الكافية «5» لأنّ‏

(1) و أما في اللغة فالكلام بمعنى التكلّم، سواء كان مفيدا أم لا. (2) أى: مقطع الحرف من الفم، فإنّ لكلّ حرف في الفم مقطعا و مخرجا كمخرج القاف مثلا.

(3) جمع دالّ، و هو: ما يدلّ على الشي‏ء، فلفظ زيد دالّ على وجوده الخارجي، كما أنّ زيدا المكتوب أيضا كذلك، و الإشارة إلى شي‏ء دالّ على ذلك الشي‏ء 1.

(4) أي: القول: فيقال: هذا قول الشيخ مثلا، و يراد به رأيه، و هذا قول الشيعة، و المراد: اعتقادهم.

(5) فقال كلامنا قول، و يمتاز القول عن اللفظ بأنّ القول جنس قريب للكلام، بخلاف اللفظ فإنّه بعيد عنه، و الجنس القريب للشي‏ء ما كان شموله للشي‏ء أضيق من شمول الجنس البعيد له كما في شمول الحيوان و الجسم للإنسان، فالحيوان يشمل الإنسان فى دائرة الحيوانات، و هي أضيق من شمول الجسم للإنسان،- البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 10 القول جنس قريب لعدم إطلاقه على المهمل بخلاف اللّفظ (مفيد) أي مفهم معنى يحسن السّكوت عليه «1»- كما قال في شرح الكافية- و المراد سكوت المتكلم و قيل سكوت السّامع و قيل كليهما. و خرج به ما لا يفيد كإن قام مثلا «2» و استثنى منه فى شرح التّسهيل نقلا عن سيبويه و غيره بمفيد ما لا «3» يجهله أحد نحو «النّار حارّة» فليس بكلام.

و لم يصرّح باشتراط كونه «4» مركّبا- كما فعل الجزولي كغيره «5»- للاستغناء عنه إذا ليس لنا لفظ مفيد و هو غير مركّب.

و أشار إلى اشتراط كونه موضوعا- أي مقصودا- ليخرج ما ينطق به النّائم و السّاهي و نحوهما بقوله: «6» (كاستقم) إذ من عادته إعطاء الحكم بالمثال و قيّد في التّسهيل المقصود بكونه لذاته، ليخرج المقصود لغيره كجملة الصّلة و الجزاء. «7»

- لشموله له في دائرة الأجسام، من حجر و شجر و حيوان.

ففيما نحن فيه شمول القول للكلام أضيق من شمول اللفظ له، لأنّ القول يشمله في دائرة المستعملات، لأنّ القول خاصّ بالمستعمل، و أمّا اللفظ فمن حيث إنّه شامل للمهمل و المستعمل فشموله للكلام في دائرة أوسع، و التعريف بالجنس القريب أحسن من التعريف بالبعيد.

(1) بخلاف غير المفيد، فمن قال زيد ثم سكت، يقبّحه العقلاء على سكوته.

(2) فانّ جملة الشرط لا فائدة فيها، إذا لم يلحقه الجزاء.

(3) ما مفعول لأستثنى، أي قال: خرج بقولنا مفيد ما لا يجهله أحد، لأنّ الإفادة عبارة عن إعلام الجاهل.

(4) أي: الكلام مركّبا، لأنّ اشتراط المفيد يغني عن اشتراط المركّب، إذ التركيب لازم للمفيد.

(5) غير المصنف.

(6) لأنّ الأمر بالاستقامة يحتاج إلى التفكّر و الالتفات، و النائم و الساهي إذا تكلّما فلا يتكلّمان إلّا بألفاظ بسيطة عادّية، كأخرج و أدخل و نحوهما أو إشارة إلى الأية (فاستقم).

(7) أمّا الصلة فلأنّ ذكرها لتعريف من يراد الإخبار عنه لا للإخبار عنه بها فقولنا جاء الذي أكرمك لا يريد المتكلّم الإخبار بالإكرام، لأنه أمر معلوم للسامع بل مراده الإخبار بالمجي‏ء، و إنّما أتى بجملة الصلة لتعريف صاحب المجي‏ء و فاعله، فليست مقصودة بالإخبار.

و أمّا الجزاء: فلأنّ الغرض الأصلي للمتكلّم في قوله إن جئتني إكرمتك، اشتراط اكرام المخاطب بالمجي‏ء فالمقصود الأصلي هو الشرط، و أمّا الجزاء فتابع.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 11 (و اسم و فعل ثمّ حرف) هي .. (الكلم) الّتى .. يتألّف منها الكلام لا غيرها، كما دلّ عليه الإستقراء، «1» و ذكره الإمام علىّ بن أبي طالب عليه الصّلاة و السّلام المبتكر لهذا الفنّ. «2»

و عطف النّاظم الحرف بثمّ إشعارا بتراخي رتبته عمّا قبله لكونه فضلة دونهما، ثمّ الكلم على الصّحيح إسم جنس جمعي. «3»

واحده كلمة و القول عمّ و كلمة بها كلام قد يؤمّ‏ (واحده كلمة) «4» و هي كما قال في التّسهيل: «لفظ مستقل «5» دالّ بالوضع تحقيقا «6» أو تقديرا أو منويّ «7» معه كذلك».

(1) أي: التتبّع و التحقيق في لغة العرب.

(2) فن النحو و الأدب.

(3) اسم الجنس ما يطلق على القليل و الكثير كالإنسان و الحيوان و البقر و الغنم، يقال: هذه النجعة حيوان، و هذا القطيع من الغنم حيوان و الجمع ما أطلق على الثلاثة فصاعدة كالرجال، و اسم الجنس الجمعي، جمع لاسم الجنس فهو في الحقيقة جمع إلّا ان آحاده أجناس، فالكلم جمع للكلمة، و لكن المرادة هنا كلّ من الاسم و الفعل و الحرف، و كلّ واحد منها جنس و كلّي بخلاف الجمع المتعارف فإنّ أحاده أشخاص فإنّ مفردات الرجال مثلا كلّ رجل في الخارج لا كلّي الرجل و الكلم الطّيب في القرآن جمع و ليس باسم جنس جمعي لأنّ مفردتها الكلمات الشخصيّة. (4) أي: واحد الكلم كلمة فالكلم كما قلنا جمع الكلمة لكن الكلمة التي هي مفرد الكلم جنس الاسم، أو جنس الفعل، أو الجنس الحرف لا فرد منها.

(5) أي مستقلّ في اللفظ ليخرج أجزاء الكلمة كزاء زيد مثلا فلا يرد عليه ما يتوهّم من أنّ الحرف غير مستقل، و هو كلمة لأنّه و إن كان غير مستقل في المعني لكنّه مستقل في اللفظ.

(6) تحقيقا حال من اللفظ يعني الكلمة قد تكون لفظا حقيقة، و قد تكون لفظا تقديرا، فالأوّل كزيد و قام و إلى، و الثاني كما إذا سئلك أحد ما فعل بك زيد؟ أو سئلك شخص إلى أين تسافر؟ فتقول: مكّة، أي: إلى مكّة.

(7) عطف على لفظ أي و هى: اما لفظ أو منوي مع اللفظ، و المنوي معه على قسمين: فقد يكون تحقيقا، و قد-

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 12 (و القول عمّ) الكلام و الكلم و الكلمة أي يطلق على كلّ واحد منها و لا يطلق على غيرها. «1»

(و كلمة بها كلام قد يؤمّ) «2» أي يقصد كثيرا في اللّغة «3» لا في الاصطلاح كقولهم في «لا إله إلّا اللّه» كلمة الإخلاص، و هذا من باب تسمية الشّي‏ء باسم جزئه. «4» ثمّ شرع في علامة كلّ من الاسم و الفعل و الحرف و بدأ بعلامة الاسم لشرفه على قسيميه «5» باستغنائه عنهما «6» لقبوله الإسناد بطرفيه و احتياجهما إليه فقال:

- يكون تقديرا.

فالأوّل: أي المنوي مع اللفظ التحقيقي كضمير المخاطب في قولك أضرب.

و الثاني: أي المنوي مع اللفظ التقديري، كما إذا سئلك أحد: من قام؟ فتقول: زيد، أي: زيد قام فضمير هو منوي مع قام المنوى، و قوله «كذلك» إشارة إلى اللفظ المعطوف عليه، و تشبيه به يعني المنوي معه أيضا كاللفظ على قسمين: حقيقي و تقديرى.

(1) و مراده من الغير الألفاظ المهملة.

(2) أي: قد يقال لشي‏ء كلمة، و الحال ان المقصود به الكلام.

(3) أي: في ألسنة العرب لا في اصطلاح النحاة، لأنّ الكلمة في اصطلاحهم لا يطلق إلّا على المفرد.

(4) يعنى: و هذا النوع من الاستعمال له باب في الأدب، و هو: باب تسمية الشى‏ء، و الشي‏ء هنا الكلام باسم هو لجزئه، و الجزء هنا الكلمة، لأنّ الكلمة جزء الكلام، كما يسمّي العبد رقبة.

(5) قسيم الشي‏ء عدله في التقسيم، فإذا قلنا: الحيوان على قسمين: ناطق، و صامت، فالناطق قسيم للصامت، و الصامت قسيم للناطق، و إن قلنا: الكلمة اسم، و فعل و حرف، فالاسم قسيم للفعل و الحرف، و كذا الفعل و الحرف قسيمان للاسم. (6) استدلّ لشرف الاسم على الفعل و الحرف بدليلين:

أحدهما: استغناء الاسم عنهما في تشكيل الكلام، لقبوله الإسناد بطرفيه، أي: لأنه قابل لأن يكون مسندا و مسندا إليه، نحو زيد قائم، فتكوّن الكلام من اسمين من دون حاجة إلى الفعل و الحرف.

ثانيهما: احتياج الفعل و الحرف إليه، في تشكيل الكلام لعدم تشكيله من فعلين أو حرفين أو فعل و حرف.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 13 بالجرّ و التّنوين و النّدا و أل و مسند للاسم تمييز حصل‏ (بالجرّ) و هو أولى من ذكر حرف الجرّ لتناوله الجرّ بالحرف و الإضافة «1» قاله في شرح الكافية. قلت: لكن سيأتي أنّ مذهبه أنّ المضاف إليه مجرور بالحرف المقدّر «2» فذكر حرف الجرّ شامل له إلّا أن يراعي مذهب غيره «3» فتأمّل. «4»

(و التنوين) المنقسم للتّمكّن و التّنكير و المقابلة و العوض، و حدّه «5» نون تثبت لفظا لا خطّا.

(و الندا) أي الصّلاحيّة لأن ينادى، (و أل) المعرفة و ما يقوم مقامها كأم في لغة طي و سيأتي أنّ أل الموصولة تدخل علي المضارع. «6»

(و مسند) أي الإسناد إليه «7» أي بكلّ من هذه الأمور (للاسم تمييز) أي انفصال عن قسيميه (حصل) لاختصاصها به «8» فلا تدخل على غيره، فقوله «بالجرّ» متعلّق بحصل و «للإسم» متعلّق بتمييز. «9»

مثال ما دخله ذلك «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» «10» و «زيد» و «صه» بمعني طلب‏ (1) و لو قال بحرف الجرّ لما شمل الجرّ بالإضافة.

(2) فعلي هذا لو قال المصنف: بحرف الجر لشمل الجرّ، بالإضافة لأنه أيضا بالحرف على مذهبه.

(3) ممّن يقول بأنّ المضاف إليه مجرور بالمضاف.

(4) لعلّه إشارة إلى انكار أن يكون مذهب المصنف في باب الاضافة ان جر المضاف اليه بالحرف، لأنه قال هناك:

(و أنومن أو في أو اللام) فيمكن أن يكون مراده ان معني هذه الحروف منويّة لا ألفاظها، و المعنى لا يعمل جرّا.

(5) أى: تعريف التنوين.

(6) يعنى: لهذا قيّدناها بالمعرفة.

(7) يعني كونه مسندا إليه مبتداء أو فاعلا أو مفعولا.

(8) أي لاختصاص هذه الأمور بالاسم.

(9) فتقدير البيت: حصل بالجرّ و التنوين و الندا و أل تمييز للاسم.

(10) مثال للجرّ بقسميه، لأن اسم مجرور بالحرف و اللّه مجرور بالإضافة.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 14 سكوت ما «1» و «مسلمات» و «حينئذ» و «كلّ» و «جوار» «2» و «يا زيد» و «الرّجل» و «أم سفر» و «أنا قمت». «3»

و لا يقدح في ذلك وجود ما ذكر في غير الاسم «4» نحو

ألام على لوّ و إن كنت عالما بأذناب لوّ لم تفتني أوائله‏ و «إيّاك و اللّو» «5» و «يا ليتنانردّ» «6» و «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه». «7» لجعل لو «8» في الأوّلين اسما و حذف المنادي في الثّالث أي يا قوم، و حذف أن «9» المنسبك مع الفعل بالمصدر في الأخير أي سماعك خير.

(1) ما هنا للإبهام، أي: سكوت غير معلوم.

(2) فالتنوين على أربعة أقسام: التمكّن، و التنكير، و المقابلة، و العوض و العوض على ثلاثة أقسام: عوض الجملة، و عوص الكلمة، و عوض الحرف، فزيد للتمكّن، و التمكن كون اللفظ معربا و منصرفا، وصه للتنكير، و مسلمات للمقابلة أي: مقابل نون الجمع المذكّر السالم، و حينئذ لعوض الجملة، إذ التقدير حين إذ كان كذا فحذفت الجملة و عوض عنها التنوين، و كلّ لعوض الكلمة، فإن الأصل كلّ شي‏ء، و جوار لعوض الحرف، فإن أصله جواري بالتنوين رفعا و جرّا، فحذفت الضمّة أو الكسرة لثقلهما على الياء فالتقي الساكنان: الياء و نون التنوين، فحذف الياء، و عوض عنها التنوين، و أما في حالة النصب فيقال: جواري بفتح الياء.

(3) مثال للمسند إليه فأنا مسند إليه لكونه مبتدءا و تاء قمت مسند إليه لكونه فاعلا و هما إسمان.

(4) أي: لا يضرّ في اختصاص هذه الأمور بالاسم وجودها إحيانا في غير الاسم، لأن ذلك في ظاهر الأمر و الواقع خلافه.

(5) فدخل حرف الجرّ و التنوين و أل على لو مع أنه حرف ظاهرا.

(6) فوقع الحرف و هو ليت منادى.

(7) فصار الفعل و هو تسمع مسندا إليه لأنه مبتداء، و خير خبره.

(8) دليل لعدم القدح، أي: لا يضرّ ذلك، لأن لو في البيت و في إيّاك و اللو ليست بحرف، بل اسم للو الحرفيّة.

كما أن جيم اسم لحرف (ج)- مثلا- و كذا قولنا في للظرفية فجعلتها مبتداء لأنها اسم لفي الحرفيّة.

(9) المصدريّة، و التقدير ان تسمع فينسبك، أي: يؤول بقولنا سماعك بالمعيدي، فالمبتدا في الحقيقة هو الاسم، لا الفعل.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 15 ثمّ أخذ «1» في علامة الفعل مقدّما له على الحرف لشرفه عليه لكونه «2» أحد ركني الكلام دونه فقال:

بتا فعلت و أتت و يا افعلي و نون أقبلنّ فعل ينجلي‏ (بتا) الفاعل سواء كانت لمتكلّم أم مخاطب أم مخاطبة نحو (فعلت) و بتاء التأنيث السّاكنة نحو (اتت) و «من توضأ يوم الجمعة فبها و نعمت» «3» و التّقييد بالسّاكنة يخرج المتحرّكة اللّاحقة للأسماء نحو «ضاربة» فإنّها متحرّكة بحركة الإعراب «4» و لا و ربّ و ثمّ. «5»

(و يا) المخاطبة نحو (افعلي) و هاتي و تعالي و تفعلين (و نون) التّأكيد مشدّدة كانت أو مخفّفة نحو (أقبلنّ) و ليكونن (فعل ينجلى) أي ينكشف، و به «6» يتعلّق قوله «بتا».

و لا يقدح «7» في ذلك دخول النّون على الاسم في قوله: «أقائلنّ أحضروا الشّهودا» لأنّه ضرورة.

(1) أي: شرع المصنف.

(2) أي: الفعل أحد ركني الكلام لكونه مسندا دون الحرف.

(3) مثال للحوق التاء الساكنة بالفعل غير المتصرّف، و أتت للفعل المتصرف. (4) بخلاف تا فعلت فأن حركتها حركة بناء.

(5) بفتح الثاء، اسم إشارة، أو بضمها فحرف عطف أي: و يخرج أيضا التاء المتحرّكة اللاحقة بهذه الثلاثة فتقول لات و ربّة و ثمة.

(6) أي: بينجلي فتقدير البيت ينجلي فعل بتا فعلت و اتت و يا افعلي و نون إقبلن. (7) أي: لا يضرّ بقولنا إنّ نون التأكيد مختص بالفعل، لحوقها باسم الفاعل في قول الشاعر: أقائلنّ، لأنه لضرورة الشعر.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 16 سواهما الحرف كهل و في و لم فعل مضارع يلي لم كيشمّ‏ (سواهما) أي سوي الاسم و الفعل (الحرف) و هو على قسمين: «1» مشترك بين الأسماء و الأفعال (كهل)، و لا ينافي هذا «2» ما سيأتي في باب الاشتغال من اختصاصه بالفعل لأنّ ذلك حيث كان في حيّزها فعل «3» قاله الرّضي، (و) مختصّ «4» و هو على قسمين: مختصّ بالأسماء نحو (في و) مختصّ بالأفعال نحو (لم). و الفعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: مضارع و ماض و أمر.

ذكر المصنّف علاماتها مقدّما «5» المضارع و الماضي على الأمر للاتّفاق على إعراب الاوّل و بناء الثّاني و الاختلاف في الثّالث، و قدّم الأوّل «6» لشرفه بالإعراب، فقال: (فعل مضارع يلي لم كيشمّ) أي يقع بعد لم فإنّه يقال فيه: «لم يشمّ».

و ماضي الأفعال بالتّا مز و سم بالنّون فعل الأمر ان امر فهم‏ (و ماضي الأفعال بالتّا) السّاكنة (مز) عن قسيميه، و كذا بتاء الفاعل، قال في شرح‏ (1) أي: الحرف على قسمين: قسم يدخل على الفعل و الاسم، و قسم مختص إمّا بالاسم أو بالفعل، كما سيأتى.

(2) أي: لا ينافي قولنا إنّ هل مشترك بين الاسم و الفعل ما يأتي في باب الاشتغال من أنّ هل مختص بالفعل إذ المراد بالاختصاص بالفعل أنّه إذا وقع في جملة و فيها فعل و اسم دخلت هل على الفعل لا على الاسم و أما إذا كانت الجملة خالية من الفعل، فلا مانع من دخولها على الاسم.

(3) أي: الاختصاص بالفعل في مورد يكون بجنبها فعل.

(4) عطف على قوله: «مشترك».

(5) يعنى: إنّ المصنف قدّم الماضي و المضارع على الأمر، لعدم الاختلاف في الماضي و المضارع. فإن الماضي مبنيّ باتفاق علماء النحو، و المضارع معرب باتفاقهم أيضا، و أما الأمر فاختلفوا في إعرابه و بنائه، و الاختلاف في الشي‏ء نقص فيه، فلذلك أخّره.

(6) أي: المضارع لشرفه على الماضي بالإعراب.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 17 الكافية «1» و عنى «2» بذلك علامة تختصّ الموضوع للمضىّ «3» و لو كان مستقبل المعنى. (و سم «4» بالنّون) المؤكّدة (فعل الأمر إن أمر فهم) عمّا يقبلها. «5»

و الأمر ان لم يك للنّون محلّ فيه هو اسم نحوصه و حيّهل‏ (و الأمر) أي مفهم الأمر بمعنى طلب إيجاد الشّي‏ء (إن لم يك للنّون) المؤكّدة (محلّ فيه) فليس بفعل بل (هو اسم) الفعل (نحوصه) بمعنى أسكت (و حيّهل) مركّب من كلمتين بمعنى أقبل، و قابل النّون إن لم يفهم الأمر فهو فعل مضارع. «6»

(1) كأنّ متن الكافية كمتن المصنّف هنا جعل التاء الساكنة علامة للفعل الماضى، و يرد إشكال على المتنين، و هو: إن معنى فعل الماضي أن الفعل واقع في الزمان الماضى، مع أنّا نعلم أنّ الفعل قد يكون بمعنى المستقبل، و التاء تلحقه أيضا، نحو: إن جائتني أكرمتها، لأن إن الشرطية يقلب الماضي إلى المستقبل، فأجاب المصنف في شرح الكافية عن هذا الإشكال بأنّ المراد من قوله تاء التأنيث علامة للماضي أنّ التاء علامة للفعل الذي كان في الأصل موضوعا للماضي، و إن تحوّل لعارض إلى الزمان المستقبل.

(2) أي: صاحب الكافية بذلك أي بقوله إن التاء علامة للماضي.

(3) أي: الفعل الذي وضع للماضي في الأصل.

(4) فعل أمر من الوسم و هو العلامة.

(5) أي يقبل النون.

(6) نحو ينصرنّ فإذا اجتمع الأمران و هما قبول النون و فهم الأمر منه في كلمة يعلم آنها فعل أمر.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 18 (تتمّة)

إذا دلّت كلمة على حدث ماض «1» و لم تقبل التّاء- كشتّان- «2» أو على حدث «3» حاضر أو مستقبل و لم تقبل لم- كأوّه- «4» فهي إسم فعل أيضا- قاله المصنّف في عمدته.

(1) الحدث الأمر الحادث فشتان يدل على حدوث الافتراق في الزمان الماضي. (2) أي: تفرّق.

(3) أي: حدوث أمر في الحال.

(4) اسم فعل مضارع بمعنى أتضجّر و أتأسّف فإنّه قد يراد منه الحال، و قد يراد منه الاستقبال.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 19